الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

من أين يأتى التغيير ؟


نعيش حالة من الإحباط المتواصل بسبب الفوضى التى فرضتها الإضرابات والاعتصامات بعد تنحى مبارك فيما يُعرف على لسان المسئولين المحترمين ( بالمطالب الفئوية  ) وقد كنا نأمل بعد وصول أول رئيس مدنى بانتخابات حرة نزيهة إلى حد ما
أن تتغير الأحوال أو بمعنى أدق تتحسن ولو بدرجة ضئيلة ولكن ازداد الأمر سوءاً وزادت الإضرابات والاعتصامات بصورة ملفتة وليس ذلك كما يدعى بعض المسئولين
المحترمين بمؤامرة ضد الحكومة الجديدة ولكنها مطالب مشروعة تؤرق طالبيها الذين تحملوا لسنوات طويلة وطأة المعيشة ناهيك عن ارتفاع الأسعار الجنونى الملفت ولا يمكن أن نطالبهم بالانتظار حتى نجنى ثمار مشاريع رئاسية طويلة الأمد فالجائع والعارى والمشرد بلا سكن والعاطل لايستطيعون الانتظار والسؤال الذى يطرح نفسه من المسئول عن هذه الظواهر او من المتسبب فيها ؟ وهو ما يؤهلنا لحل المشكلات التى تواجهنا هل السبب المسئولون أم المواطنون ؟ والإجابة ليست عسيرة فبتأمل بسيط للأحـوال نجد أن مبارك ترك إرثاً من الظلم والقهر والفجوة بين لأفراد الشعب مما تسبب فى ضياع العدالة الاجتماعية والاستئثار بصناعة القرار وبعد الثورة لم يتغير شئ لأن المؤسسات لدى الدولة لم يحدث بها تغيير جذرى وبالتالى فإن نفس السياسة التى كانت متواجدة ممثلة فى أشخاص ذوى أفكار قديمة أو أشخاص منتفعين من الفساد هى التى تدير كل شئ
وإذا كنا نفعل نفس الأشياء فسنجنى نفس النتائج وكان الثورة كانت بالميدان ونالت من القصر الجمهورى ولكنها لم تصل إلى مؤسسات الدولة وكل مانالها هو خروج الناس عن صمتهم وصبرهم ليجهروا بآلامهم فقط ولاأحد ينصت لهم أو يعبأ بهم
إذن نستنتج من ذلك أن صناع القـرار يتحملون العبء الأكبر من المسئولية ولايمكن أن نعفى منها المواطنين ولو بقدر ضئيل فأما صناع القرار فإنهم يديرون الأمور بنفس الساسة القديمة
فعلى سبيل المثال قطاع التعليم نرى مسلسل إضراب المعلمين المستمر الذى يبدأ مع بدء العام الدراسى وامتحانات الثانوية العامة ولا يتوقف أبداً لماذا ؟
المسئولون يرون ان الإضراب مرجعيته الوحيدة زيادة مالية وربما كان ذلك الهم الأكبر ولكن هناك مشكلات فنية كثيرة هل استمع لهم أحد من المسئولين اللهم إلا وسائل الإعلام
وربما كان بعض المسئولين ينظرون لفئة تحل مشكلاتها بالدروس الخصوصية التى هى عبء على الدولة وعلى هذا النهج العقيم تجاهلوا المشكلة كما أن الوزير يستفيد استفادة مالية تقدر بالملايين من المجموعات المدرسية وإصلاح التعليم سيوقف ذلك حتماً وغيره من المسئولين المستفيدين فهل ستحل المشكلة طالما هناك من ينال الملايين وآخرون يحصدون الملاليم
كيف تعاملت الدولة مع الظاهرة ؟ بنفس المنهج القديم التجاهل والتعتيم من وسائل الإعلام التى نعدها بقايا نظام مبارك  ولأننا لانعالج المشكلة ونستخدم المسكنات فإن المرض يستفحل وسيأتى وقت تفقد المسكنات تأثيرها ويحدث انفجار لايعلم مداه إلا الله ربما لايمكن مواجهته وقس على ذلك كل قطاعات الدولة فيما عـدا الشرطة
التى نالت زيادة رائعة ولم تنل تطهيراً يليق بالزيادة التى نالتها وهو ما يجرنا إلى تفسير فض بعض الاعتصامات بالأمن فهل ستواجه الدولة مشكلات الناس بالأمن كالنظام السابق ؟! إذن فنحن فى كارثة تنتهى بثورة جديدة إن التغيير لايأتى بالتمنى ولكن بخطوات محددة نوجزها فى الآتى :
أولاً : لابد أن ينصت المسئولون لأصحاب المشكلات وإن احتاج ذلك للاستماع لأبسط فئة فأصحاب المشكلة أجدر من يملك الحل لأنه هو الذى يعايشها وليس من يطلقون عليهم المستشارين الجالسين على مقاعد وثيرة وفى مكاتب مكيفة يتقاضون الملايين وهم لايضعون حلولاً تنهى مشكلات العاملين والسبب أنهم لايعايشون المشكلة
ثانياً : نحتاج لعملية إحلال وتبديل جذرية داخل المؤسسات بدماء جديدة ولن يتحقق ذلك غلا بعدم التمديد لمن وصل إلى سن المعاش وفى المقابل تعيين جدد فالدولة لم تعين أحداً منذ سنوات وهو ما يمثل عبئاً على العاملين فى حين يُجدد للمستشارين وبعض المنتفعين
ثالثاً : تحفيز المبدعين فى كل مجال بصورة العمل فى المؤسسات الحكومية يملك ثقافة العقاب عندما يقصر الموظف أما المتميز فثوابه الوحيدة تحميله أعمالاً أكثر لأنه ينتج دون مقابل وكأنه يُعاقب ولذلك فإن الثقافة السائدة بين بعض الموظفـين  التكاسل وعدم الإتقان لأنه سيتحمل عبئاً أكبر
وهذا يتطلب تغيير بعض قوانين العمل والقيادات فى كل مكان
رابعاً : لماذا لا تتبنى الشركات الكبرى ورجال الأعمال المؤسسات المختلفة فى الدولة كما تتبنى المباريات ولاعبى الكرة والبرامج التليفزيونية تبنيها لمؤسسات مثل الصحة والتعليم يخفف العبء على الدولة ويحقق لها دعاية حيث يتم تفاعل حقيقى بينهم وبين المواطنين
وأخيراً وليس آخراً : لانعفى المواطن أو العامل من المسئولية فلابد أن نغير من أنفسنا كعاملين
وموظفين نتقى الله فى عملنا حتى نجنى ثمار الثورة وإلا فسيكون من قاموا بالثورة أشبه
بملائكة نزلوا من السماء ثم رحلوا عن الحياة لماذا نستهين بدمائهم ونلهث وراء الثمرة بلاتعب
لابد أن نغير من أفكارنا فلا نهمل عملنا ولانصمت على فساد ولنتذكر دائماً أن الفساد له قطبان أحدهما موجب ونقصد به من يفسد حقاً والآخر سالب وهو من يصمت على الفساد فلنتق الله فى وطننا حتى ترى أهداف ثورتنا النور ولنتذكر قول الله تعالى ( إن الله لايغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم ) سورة الرعد 11
والله المستعان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق